Lana News
وكالة الأنباء الليبية
آخر الأخبار

محرر الشؤون الأفريقية بـ ( وال ) : ليس من العدل تحميل ليبيا وحدها عبء ظاهرة الهجرة غير الشرعية .

نشر بتاريخ:

طرابلس 12 أكتوبر 2021 م ( وال ) - سلطت واقعة مركز إيواء المهاجرين غير الشرعيين بمنطقة غوط الشعال المؤسفة ، ومن قبلها العملية الأمنية لتطهير منطقة قرقاش التي يقطنها الاف الافارقة المهاجرين من أوكار عصابات الاجرام والتهريب والمخدرات الضوء من جديد على التحديات التي تواجه السلطات الليبية في معالجة ملف الهجرة غير الشرعية ، وما يفرضه من واقع بالغ الصعوبة والتعقيد يفوق قدرات وإمكانيات بلد لازال يعاني من أثار الحرب وعدم الاستقرار والفوضى .

وفي ظل تجاهل المجتمع الدولي بمنظماته ومؤسساته ودوله الكبرى لدعوات ومناشدات المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية بضرورة التعاون والعمل المشترك لحل هذه القضية الدولية باعتبارها قبل أي حسابات مصلحية قضية إنسانية وأخلاقية تشكل تبعاتها وأثارها السلبية وصمة عار على جبين المجتمع الدولي الذي تتبجح منظماته ودوله الكبرى وإعلامه بشعارات حقوق الانسان، تجد الدولة الليبية رغم أنها بلد استقطاب وعبور نفسها أمام مسؤولية أخلاقية تجاه زحف مئات الآلاف من المهاجرين على أراضيها ، وما يترتب على ذلك من اثار سلبية على كافة المستويات الأمنية والاقتصادية والمجتمعية .

وعلى الرغم من ادانه واستنكار الشعب الليبي وعدم قبوله بأي معاملة مسيئة لهؤلاء المهاجرين ورفضه لأية انتهاكات لحقوقهم الإنسانية أو اضطهادهم فوق أرضه والتعامل معهم وفق قيمه واخلاقه المتسامحة ، نجد أن بعض وسائل الاعلام الدولي تستغل بعض الحوادث الفردية وتؤولها وتضخمها ، وتحاول تحميل الشعب الليبي وسلطته مسؤوليتها، وتغفل عن قصد ونيات مبيتة جهود ومسعى الحكومة الليبية لتوفير الأمن والغذاء والمأوى للذين تقطعت بهم السبل وفق قدارتها وامكانياتها .

 ولفت محرر الشؤون الأفريقية بوكالة الأنباء الليبية إلى أن المنظمات الدولية ووسائل الإعلام دأبت على إثارة المهاجرين غير القانونين والمحتجزين في مراكز الإيواء في ليبيا بعد فشلهم في العبور إلى الضفة الأخرى من المتوسط، مستعرضة معاناتهم وأوضاعهم المأساوية في تلك المراكز وموتهم في البحر على متن قوارب متهالكة إلا أنها تغض البصر عن الجانب الأكبر من هؤلاء المهاجرين الذين يعدون بمئات الآلاف والذين قرروا الاستقرار والإقامة والعمل في ليبيا رغم كل الظروف، ويقومون بإرسال أموالهم شهريا إلى عائلاتهم في مختلف المدن والقرى الأفريقية عبر شبكات لتحويل الأموال أسرع من كبريات شركات تحويل المال العالمية المعروفة.

وقال المحرر في تعقيب له لا تزال ليبيا بالفعل تستقبل اليوم على أراضيها، مئات الآلاف من العمال المهاجرين الذين عبروا الحدود بصورة غير شرعية من عدة دول أفريقية يعملون في القطاع الخاص، وبخاصة في قطاعات الزراعة والبناء والورش الحرفية (الحدادة والنجارة وتصليح السيارات)، يقتسمون لقمة العيش مع الليبيين رغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.

وأضاف محرر الشؤون الأفريقية بوكالة الأنباء الليبية إن ليبيا وهي بلد عبور للهجرة غير الشرعية، تشهد منذ عدة عقود تدفقا كبيرا للمهاجرين بمئات الآلاف أغلبهم استقروا في ليبيا للعمل وآخرون سقطوا بين أيدي عصابات تجار البشر المحلية والدولية، الذين استغلوا حالة الفوضى الأمنية في ليبيا منذ عام 2011 واوهموهم بإمكانية العبور إلى أوروبا مقابل المال.

وأضاف المحرر أنه من غير المنطقي أن تتحمل ليبيا وحدها تعقيدات هذا الحراك البشري الذي يخص عشرات دول المصدر والمقصد والتي آثرت اللامبالاة وعدم تحمل مسؤولياتها المباشرة وبخاصة مسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية.

وأوضح المحرر أن ليبيا التي تواجه منذ عام 2011 مشاكل جمة سياسية وعسكرية وأمنية واقتصادية، إلا أنها تتعامل مع ظاهرة الهجرة من منطلق إنساني وتستقبل مئات الآلاف بالرغم من وجود دول تشتكي من بضع الاف فقط من المهاجرين الذين تمكنوا من الوصول إلى الضفة الأخرى وبنت الجدران الإسمنتية والحديدية على حدودها لمنعهم من مواصلة السير بحثا عن لقمة عيش وفرصة عمل، واعتقلتهم في معسكرات على الحدود وسط غابات من الخيام في ظروف قاسية.

وأشار محرر الشؤون الأفريقية إلى أن ليبيا تعاونت في تنفيذ برنامج المفوضية العليا لشؤون اللاجئين الخاص بتنظيم العودة الطوعية لعدد لا يذكر للمهاجرين العالقين في ليبيا إلا أن هذا البرنامج قد توقف قبل عدة أشهر.

وشكك محرر الشؤون الافريقية في هذا الصدد في نجاح برنامج العودة الطوعية في شكله الحالي مؤكدا أن معظم المستفيدين منه يعودون إلى بلدانهم الأصلية في موسم الأمطار لمساعدة عائلاتهم في موسم الحرث إلا أنهم يعودون مجددا إلى مغامرة عبور الصحراء والوصول إلى الساحل الليبي لخوض مغامرة القفز إلى الضفة الأخرى من المتوسط مهما كانت المخاطر.

ودعا المحرر الدول المعنية إلى ضرورة وضع وتمويل برامج حقيقية للتنمية تخلق فرص عمل ملموسة وواعدة في دول المصدر لمحاولة تشجيع الساعين وراء "الحلم الأوروبي الوهمي" إلى الاستقرار في بلدانهم وتجنب مخاطر الموت في الصحراء أو في عرض البحر.

وأكد مجرر الشؤون الأفريقية أن ظاهرة الهجرة غير الشرعية تشكل عبئا ثقيلا يجب أن تتعاون حوله البلدان المعنية، دول المصدر والعبور والمقصد، وحتى غير المعنية في منظومة الأمم المتحدة، للتخفيف من معاناة هؤلاء المهاجرين أولا ومعالجة تداعيات هذه الكارثة الإنسانية ثانيا، والحد من مخاطرها الجمة على الأمن والسلم الدوليين، خاصة فيما يتعلق بتسلل الإرهابيين والمتطرفين في صفوف هؤلاء المهاجرين الذين يعدون بمئات الآلاف، مشددا على ضرورة ألا يتم تحميل ليبيا في هذا الشأن أكثر من طاقتها، خاصة وأنها تمر بظروف ليست خافية على أحد.

وشدد المحرر على أن استمرار سياسة الهروب إلى الأمام التي تتعامل بها بلدان الاتحاد الأوروبي المعنية مباشرة بظاهرة الهجرة غير النظامية، باعتبارها الوجهة الأولى لهذا التدفق البشري غير المسبوق، وكذلك سياسة اللامبالاة الواضحة في دول المصدر التي تتغاضى أجهزتها الرسمية الأمنية والعسكرية عن حماية حدودها بل وتساعد بشكل مباشر أو غير مباشر على مواصلة تدفق الأمواج البشرية باتجاه الشمال، خشية أن يتكدسوا على أرضها، وستكون لها تداعيات خطيرة على أرواح هؤلاء المهاجرين وعلى السلم والأمن الإقليمي والدولي.

وخلص محرر الشؤون الافريقية في ختام تعقيبه إلى أن بيانات الإدانة والتعاطف التي تصدرها المنظمات الدولية المعنية بين الفينة والأخرى، والبرامج التلفزيونية الممولة التي تتاجر بقضية هؤلاء "المستضعفين البؤساء" لن تمنع موت الساعين إلى الهجرة هربا من النزاعات المسلحة أو من الفقر والجوع أو من الخوف على حياتهم بسبب مواقفهم السياسية ، من الموت في مسالك الصحراء وفي عرض البحر، في جريمة يشارك فيها العالم بأسره ، ولن يستطيع التنصل منها .

( وال )